الخميس، 12 يونيو 2008

الملمحان 4,5 من الملامح الفكرية فى منهج الشيخ ياسين فى التغيير والاصلاح

الملمح الرابع

* قدرة فائقة على إدارة دفة الامور فى ساحة بالغة التعقيد ,على الصعيد الداخلى الفلسطينى وعلى الصعيدين الاقليمى والدولى

لم يكن الشيخ ياسين تقليديا لدرجة لا يقبل كل ما يطرح ,ولم يكن تقدميا تحرريا فى طرحه ,حتى يتنازل عن كل مبادئه وقيمه التى يؤمن بها.

ولكنه كانت لديه قدرة فائقة فى الوعى السياسى والصراع مع الصهاينة ,ولعل من عايشه وتابع تصريحاته ,ليصدق انه رحمه الله كان ملهما فى أفكاره ونظرته للصراع .

ويمكن ان يرد هذا الى نهجه المعتدل,وقدرته على التواصل مع الآخرين فى الساحة ,فمن الاساسيات التى نادى بها الشيخ على سبيل المثال لا الحصر :حرمة الدم الفلسطينى ,او الدم الفلسطينى خط احمر ,وان شعار مرحلة الاحتلال هو الوحدة الوطنية فى كل الظروف ومهما كانت التحديات .هذا الفكر الريادى افسد على الصهاينة قاعدتهم المشهورة عنهم قرآنيا (يفسدون فى الارض)فضاعت عليهم كل المخططات والرهانات نحو الدفع لحرب أهلية فلسطينية .

كما كانت للشيخ حصافة سياسية فى طرح اكثر من مبادرة مثل فكرة الهدنة وتحييد المدنيين عن الصراع عندما اشتد الهجوم على العمليات الاستشهادية .

ومن حنكته السياسية أيضا انه لم يرفض مشروع الدولة الفلسطينية على قسم من أرض فلسطين 67,لكنه رفض تماما التفاوض مع الكيان الصهيونى او الاعتراف به.

أى انه لم يكن شيخا جامدا لم يفهم اللعبة السياسية ,بل برع فى إدارتها وتقويمها ,حتى وهو فى السجن كان الصهاينة يناظرونه فى شأن الصراع واستراتيجيته ,وهكذا كان بارعا فى إدارة الصراع رغم ماعنده من مصاعب ومتاعب.

الملمح الخامس

* كان الشيخ رمزا للوحدة الوطنية ,يجمع ولا يفرق *.

لقد صبر على ظلم ذوى القربى منذ أن بدأ بمشروعه الجهادى ,وعند دخول رفقاء السلاح سابقا الى فلسطين حسب اتفاقية اوسلو 1993الامنية .لم يدخل معهم فى صراعات ومناوشات ,وفُرض عليه الاقامة الجبرية أكثر من مرة .رفض أية مساومة على الدم الفلسطينى ,أو الدخول فى مناوشات مع السلطة الفلسطينية وابقى سلاحه دائما مسلطا على العدو المحتل ,فشكل بحكمته صمام الامان لوحدة الشعب الفلسطينى .

كان لدى الشيخ رحمه الله قدرة استيعاب للمخالفين ,على الرغم من تميزه الفكرى عنهم ,كما كان صاحب مشروع وحدوى,تجاوز دائرة التنظيم الضيق بخبرة وعقلانية ؛لانه كان يؤمن ان احتكاكه مع الآخرين المخالفين له فى الفكر ,هو من طبيعة فكره وقيادته ,فإذا كان مشروعه جهاديا ,هو فى نفس الوقت مشروع دعوى ,فالمشروع الاسلامى يتعزز بالاحتكاك ويتقوى بالحوارات ,وليس بالانعزال والانكفاء.

حتى فى القضايا المصيرية استطاع تجاوزها بقدرته على ابقاء شعرة معاوية مع الآخرين المخالفين له فى الطرح السياسى ,من قدرته على تجاوز المماحكات حول شرعية العمليات الاستشهادية فى ظل هجمة اعلامية دولية.

بل يمكن ان يحسب للشيخ وللحركة الاسلامية بفلسطين بصورة عامة ,تفوقهم على بعض الحركات الاسلامية فى العالم الاسلامى فى مد يد التعاون والتنسيق مع المخالفين لهم فى الدين والفكر .لاسيما الحركات اليسارية والعلمانية ,من اجل مصالح أعلى للمجتمع والأمة.من ذلك اقباله على "تحالفات مع القوى الفلسطينية" على الساحة لكسر تسلط قيادة المنظمة.ولقد نجحوا فى الكثير من المواضع فى الجامعات والنقابات ورأينا أخيرا فى الانتخابات البرلمانية ومنها الى الوزارة ,وفشل أصحاب التسوية .

وقد استطاع الشيخ بحنكته التحالف مع غير الاسلاميين فى سبيل اسقاط مشروع أوسلو ,او مايسمى بالسلام مع العدو ,والمحافظة بقدر الامكان على حقوق المسلمين التاريخية بفلسطين .فأصبح هناك معارضو التسوية ونسبتهم أكبر بكثير من مؤيدو التسوية .

لقد استعمل الشيخ حقه الشرعى والقانونى فى التأثير على الجماهير .بعيدا كل البعد عن استعمال القوة والعنف ضد ابناء شعبه ,ولقد نجح نهجه هذا ,فهو يقول "رحمه الله"فى هذا الشأن :" انا لن أسمح ولا أريد أن أسمح لأى خلاف فى الشارع الفلسطينى ,وسأعمل مدى حياتى على أن أقف فى وجه أى فتنة ؛لأننا بعنا أنفسنا لله وسنقاتل فى سبيل الله .حتى تحرير فلسطين أو الشهادة ان شاء الله تعالى ,هذا هو طريقنا ,و سيبقى سلاحنا موجها لصدر العدو المحتل....", "دخلنا فى السجون بشرف وخرجنا بشرف ,لسنا مستعدين ان ندخل السجون ونحن قاتلين لأبنائنا ........"

ليست هناك تعليقات: